هيرمس
شايل جيل
قصر البارون.. تحفة معمارية لها حكايات وأساطير مخيفة

أحد المواقع التي تم افتتاحها حديثًا في مصر والتي يجب إضافتها إلى مسار رحلتك إلى القاهرة هو قصر البارون إمبان المهيب، أو كما نسميه نحن المصريون، قصر البارون. هذا القصر الهندوسي، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 100 عام، يقف شامخًا في أحد أكثر الأماكن ازدحامًا في القاهرة، شارع العروبة في مصر الجديدة. اعتاد سكان القاهرة المرور بهذه التحفة المعمارية الرائعة وربما عثر عليها السياح في طريقهم من وإلى المطار. واعتبارًا من يوليو 2020، فتح قصر البارون أبوابه للجمهور لأول مرة على الإطلاق.
 


-    من هو البارون إمبان؟
البارون إمبان الذي سمي هذا القصر باسمه، هو إدوارد لويس جوزيف إمبان من مواليد 20 سبتمبر 1852.
حصل إمبان على لقب البارون الذي منحه إياه ملك فرنسا تقديراً لجهوده في بناء مترو باريس. وكان رجل أعمال بلجيكيًا ثريًا ومهندسًا وصناعيًا متميزًا وعالم مصريات.

كان إمبان أيضًا مسافرًا عالميًا وعالمًا كان شغوفًا للغاية بنمط الحياة البدوي وسافر إلى وجهات مختلفة، بما في ذلك المكسيك والبرازيل والكونغو وغيرها. ثم وصل إلى الهند حيث وقع في حبها وعاش هناك لسنوات عديدة. بعد ذلك، قرر البارون التوجه إلى مكان أقدم، وبالطبع كانت مصر!.
بعد فترة وجيزة من وصوله إلى مصر، وقع البارون مرة أخرى في الحب بجنون وقرر الاستقرار فيها؛ حتى أنه في وصيته أن يدفن في مصر حتى لو وافته المنية خارجها وهو ما حدث بعد أن توفي في بلجيكا في 22 يوليو 1929م ونقل جثمانه إلى كنيسة البازيليك في هيليوبوليس.
كان الشيء الأكثر منطقية بعد ذلك هو العثور على مكان للعيش فيه، والمثير للدهشة أن إمبان اختار قطعة أرض في وسط الصحراء خارج القاهرة مباشرةً (والتي أصبحت الآن هليوبوليس حاليًا) ، وبنى القصر الأيقوني من 1906 حتى 1911.
عرض البارون إمبان على الحكومة المصرية فكرة إنشاء حي في صحراء شرق القاهرة واختار لها اسم (هيليوبوليس) أي «مدينة الشمس» واشترى البارون الفدان بجنيه واحد فقط لافتقار المنطقة إلى المرافق والمواصلات والخدمات، وحتى يستطيع البارون جذب الناس إلى ضاحيته الجديدة فكر في إنشاء مترو وكلف المهندس البلجيكي أندريه برشلو الذي كان يعمل في ذلك الوقت مع شركة مترو باريس بإنشاء خط مترو يربط الضاحية الجديدة بالقاهرة، كما بدأ في إقامة المنازل على الطراز البلجيكي الكلاسيكي بالإضافة إلى مساحات كبيرة تضم حدائق، وبني فندقاً ضخماً هو فندق هليوبوليس القديم الذي ضُمَّ لاحقاً إلى القصور الرئاسية بمصر ويستخدم حالياً كمقر رسمي لرئيس الجمهورية تحت اسم «قصر الاتحادية».
اختار إمبان هذا الأسلوب المعماري الهندوسي الفاتن كما اختار المهندس المعماري الفرنسي ألكسندر مارسيل لتصميمه. ومن الجدير بالذكر أيضًا أن مارسيل استخدم الخرسانة المسلحة في المبنى، والتي كانت لا تزال شيئًا جديدًا تمامًا في ذلك الوقت. كما استعان إمبان بمارسيل للمشاركة في بناء مدينته الجديدة هليوبوليس. وتشمل إبداعات مارسيل كنيسة البازيليك والتصميم الداخلي لفندق هليوبوليس بالاس.
بالعودة إلى قصر البارون الرائع، تم استيراد بعض القوالب الزخرفية التي تزين الأجزاء الخارجية، والمستوحاة من الأساطير الهندوسية والبوذية. تم تصميمها جميعًا بواسطة مارسيل، لكنها كانت تستخدم في الأصل للجناح الكمبودي وبانوراما دو تور دو موند في معرض يونيفرسيل في باريس في عام 1900.

 

التصميم الداخلي
أما بالنسبة للتصميم الداخلي الرائع الذي استخدم فيه الأساليب الفنية الأوروبية، فكان ذلك بإذن من جورج لويس كلود. يتألف القصر من قبو حيث كانت غرف الخدم والمطبخ وغرفة التخزين. الطابق الأرضي وفيه صالات الاستقبال. الطابق الأول الذي يتألف من أربع غرف معيشة خاصة وحمام. 

امتلكت عائلة إمبان القصر حتى الخمسينات ومع تناقل ملكية القصر بدأ القصر يتعرض للإهمال حتى قامت الحكومة المصرية بشرائه في عام 2005، ومنحت وزارة الإسكان بالقاهرة أصحاب الأرض مقابل القصر، وعام 2007 تم منحها للمجلس الأعلى للآثار. وبعد سنوات من الإهمال والتخريب، خضع القصر لمشروع ترميم ضخم بدأ في عام 2017 حتى فتح أبوابه للجمهور لأول مرة في عام 2020.
افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي، في 29 يونيو 2020، قصر البارون التاريخي بحي هليوبوليس بالقاهرة، بعد فترة ترميم استمرت عامين، سخرت خلالها الدولة المصرية كل الإمكانات لترميم وتطوير القصر، بعد الكثير. سنوات من الإهمال.


-    حكايات وأساطير مخيفة
كان قصر هليوبوليس الشهير استثنائيًا للغاية لدرجة أنه كان لا مفر من ظهور الحكايات والأساطير المخيفة. لسنوات عديدة، كان الناس يروون ويصدقون القصص المختلفة المحيطة بقصر البارون حتى يومنا هذا. على سبيل المثال، كان يُعتقد أن برج المبنى الأيقوني يحتوي على قاعدة تدور 360 درجة حتى يتمكن البارون من مشاهدة هليوبوليس. ادعى آخرون أنها تدور لتتبع الشمس. كما يُعتقد أن هناك أنفاقًا سرية من القصر تؤدي إلى الكنيسة حيث دفن البارون إمبان.

الدرج الحلزوني المذهل الذي يشتهر به القصر كان له نصيبًا من القصص. هذا الدرج من الرخام الفاخر مستورد من إيطاليا، والآخر من الخشب اللولبي، يُعتقد أن الدرج المؤدي إلى السطح هو سبب سقوط هيلينا حتى وفاتها. لكن هذه ليست قصة الموت الغامضة الوحيدة في قصر البارون! هناك حكايات مخيفة حول مريم ابنة البارون التي عانت من شلل ومضاعفات نفسية نتجت عن علاج والدها البارون. عُثر على مريم ميتة في مصعد الخدم الذي كان يربط المطبخ في القبو بغرفة الطعام.
كانت هناك شائعات أخرى بأن مريم كانت على علاقة سرية بأحد الخدم ولم يكن هذا سوى محاولة انتحار.

وتقول الشائعات أيضًا أنه كانت هناك غرفة مسحورة في الطابق السفلي تسمى غرفة النوم الوردية، حيث لم يُسمح لأحد بالدخول إليها. يُعتقد أن هذه كانت الغرفة التي أدت إلى النفق السري الذي يربط القصر بالكنيسة. يقال أيضًا أنه عندما مات البارون، تحولت المرايا في هذه الغرفة إلى اللون الأحمر! لا عجب لماذا اعتقد سكان مصر الجديدة دائمًا أن هذا المكان مسكون!.





يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق