"افتح يا سمسم"..لأي طفل سيفتح أبوابه؟

"افتح يا سمسم"..لأي طفل سيفتح أبوابه؟

14 سبتمبر 2014
"افتح يا سمسم" بنسخته الثالثة
+ الخط -

شهد العام 1979 انطلاق الجزء الأول من برنامج "افتح يا سمسم" من إنتاج مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربي، بمشاركة نجوم عرب وخليجين. وفي العام 1982 أُنتج الجزء الثاني من البرنامج، فيما نحن على موعد مع عرض النسخة الثالثة من البرنامج الشهير في العام 2015.


بدأ العمل بهذه النسخة منذ نحو عام، بعد مناقشات جدية شهدتها ورشة عمل إبداعية في العاصمة الإماراتية أبو ظبي العام الفائت، حول مسألة إعادة إنتاج سلسلة جديدة من "افتح يا سمسم" وشملت تلك النقاشات "الخصائص الشخصية والمواهب، والهوايات والهواجس، والخصائص الشكلية المفضّلة للدمى المتحركة والشخصيات البشرية"، بحسب كاتب قصص الأطفال فرح الظفيري.


الفاصل الزمني بين إنتاج سلسلة جديدة من "افتح يا سمسم" وما تم إنتاجه من قبل، وطفرة التطور التكنولوجي الذي شهدها العالم خلال هذه السنوات، ودخول التلفزة العربية مساحة البث الفضائي وما ارتبط بذلك من آليات تلقٍ جديدة وتغيير كبير في سيكولوجية المشاهدة عند الناس بما فيهم الأطفال، يُطرح السؤال، هل سنكون أمام نسخة ثالثة من السلسلة الشهيرة، أم نسخة أولى على تواصل "عاطفي" مع نسختي 79 و82، وبرؤية مختلفة تأخذ بعين الاعتبار الفارق السيكولوجي والسوسيولوجي وربما الفسيولوجي لطفل العام 2015 عما كان عليه طفل 1979 و1982؟


بداية، لابدّ من الإشارة أنّ إنتاج السلسلة الجديدة من "افتح يا سمسم" حاجة تمليها حالة الإهمال التي نالت الطفل العربي في ثورة الإنتاجات التلفزيونية الضخمة التي وسمت العقدين الأخيرين من الإنتاج التلفزيوني العربي سواء على الصعيد البرامجي أو الدرامي. وهو ضرورة أيضاً يستدعيها الشكل السائد اليوم لما بات يعرف بـ" الإنتاج العربي المشترك" الذي أساء بمضمون ما قدّمه درامياً، وبرامجياً إلى تاريخ مشرق من الإنتاجات العربية المشتركة في نهاية السبعينات والنصف الأول من الثمانينات  قادتها في تلك المرحلة مؤسسة "الخليج للإنتاج البرامجي المشترك"، وسجلت باسمها أنجح تجارب العمل العربي المشترك في مجال الإنتاج التلفزيوني البرامجي، حتى الآن، من بينها: "افتح ياسمسم" و"سلامتك" و"حياتنا"...وغيرها الكثير.


كما أنّ الحرص على نجاح تجربة إنتاج سلسلة جديدة من برنامج "افتح يا سمسم" بوصفها ضرورة وحاجة، هو ما يستدعي نقاشات مطوّلة حول المضامين والمحتوى الجديد للنسخة المنتظرة، على اعتبار أن الأساليب التربوية تبقى غالباً واحدة، وما يتغيّر هو المحتوى.


ولكن ماذا عن هذا المحتوى إذا ما عرفنا أن عدداً من شخصيات النسختين السابقتين مستمر في نسخة 2015 إلى جانب شخصيات جديدة، هل ستحمل الشخصيات القديمة خطاباً أكثر ديناميكية بما يتناسب وطفل اليوم لإيصال الرسائل القيّمة والتربوية للطفل؟


أسلوب اعتماد الحكاية كحامل للقيم والرسائل التربوية الأخرى، هو ناجح بمقدار، فالناس ما زالت تؤخذ بسحر الحكايات، بمعنى بنائها الدرامي الجاذب القائم على إثارة الفضول والإثارة والتشويق والتعقيد والتأزم قبل بلوغ الحل. ولكن ما تغير في حكاية اليوم عما كانت عليه في الأمس هو ثيمتها وشخصياتها وطبيعة الصراع فيها، وبالتالي نعتقد أنه لم يعد مجدياً أن يستمع الطفل للعصفور ملسون، ثم يأخذ حكايته على محمل الجد، ما دام يمتلك اليقين، أي الطفل، أن العصفور لا يتكلّم وأنه مجرد دمية تُحرك بيد شخص ما، وأي تصورات سيتجاوزها الطفل عن الوحوش، وهو يشهد عشرات البرامج الحيّة عنها، ليتآلف مع واحد منها يأكل البسكويت؟


ربما نتساءل هنا، عن أشياء قديمة- حديثة في البرنامج، ولكن الفارق بين طرح الأسئلة عن النسخة الجديدة وطرحها في النسختين اللتين سبقتاه، هو الفارق بين العناصر المكونة لوعي الطفل في السبعينيات والثمانينات والعناصر المكونة لوعيه اليوم، وهو أن طفل اليوم يستطيع بكبسة زر أن يجول العالم وكشف خفاياه حتى تلك المسكوت عنه، فيما تتوزّع عيناه بكبسة زر أخرى بين مئات المحطات التلفزيونية المفتوحة على كل الاحتمالات.


سؤال إشكالي آخر يمليه الحضور البشري التمثيلي في الشكل القديم: مثل شخصيات جاسم، وعبد الله، وفاطمة، وحمد، ومريم، وميسون، وهشام..هل ستستمر بعض هذا الشخصيات في النسخة الجديدة، هل سيتم الاستعانة بشخصيات جديدة، ما سمات هذه الوجوه الجديدة، وهل سيتم اختيار وجوه تمثيلية معروفة لأدائها؟


وهنا يجب أن نتنبّه إلى أنه لا يجوز أن يجد الطفل ممثلاً يملي عليه قيم الخير في "افتح يا سمسم" نهاراً، ويعود ليراه مساءً (أو في إعادة نهاراً) بشخصية سلبية، هل أخذ القائمون على "افتح يا سمسم" تلك النقطة بعين الاعتبار؟


البحث عن أجوبة الأسئلة السابقة، هي الأخرى يمليها الحرص على نجاح التجربة، تجربة نكاد نجزم أن نجاحها من شأنه أن يجعلها المشروع الدرامي الأهم لعقود مقبلة.

 

 

 

المساهمون